الإعجاز في تركيبة الجهاز المناعي
الكاتب: د. هند بنت جابر الثقفي
أستاذ مساعد في المناعة والعدوى
كلية العلوم
يُعتبر الجهاز المناعي أعقد الأجهزة في جسم الإنسان بعد الجهاز العصبي. في تركيبته كثيرٌ من الإعجاز والدقة في الوقت نفسه. غالبًاون الأجهزة الحيوية مرتبطة بوظائف محدودة وشبه ثابتة، ولكنّها ليست كذلك في الجهاز المناعي. ينبغي على الجهاز المناعي أنْ يكون متأهبًا في أي لحظة لأي عدو ومن أي مصدر كان، وهذا أمرٌ يمنح هذا الجهاز صفةً متفردة عن بقية الأجهزة الحيوية في أجسادنا. كما أنّ الجهاز المناعي يتميّزُ بتمركزه في مناطق كثيرة بالجسم علاوة على وجوده في الدم، فتارةً نجدهُ على هيئة بقع في الجهاز الهضمي تعرف ""ببقع بايرز""، وتارةً أخرى نجده متشكل فيما يشبه الثكنات العسكرية على امتداد الجهاز الدوري وهي العقد اللمفاوية التي تمتلك جيوشًا متنوعة من الخلايا المناعية بداخلها وغيرها في مواقع مختلفة من الجسم متأهبةً لأي عدو. إنّ ما يثير الدهشة حول إعجاز الباري عز وجل في الجهاز المناعي تحديدًا في خلاياه، أنّ الخلايا حسب مواقعها التشريحية تتخذ اسمًا علميًا مختلفًا، ويُبنى على ذلك وظيفتها واختلاف مواصفاتها. فعلى سبيل المثال: الخلية البلعمية الكبيرة (macrophage) عند تواجدها في النسيج تتخذ وظيفة مختلفة عن تلك التي تسبح في الدم. وعندما تكون مستقرة في أنسجة المخ تأخذ مسماها العلمي المعروف ب (microglia) وتكون في حجمها أصغر عن الخلية البلعمية المعتادة. كما تُعرف في الكبد بخلايا كوبفر، وفي الرئة بالخلايا الأكولة الحويصيلية. إنّ من روعة الجهاز المناعي أنّه مازال يُستكشف في حاضرنا هذا، والأبحاث تتوسع وتتجدد المعلومات في الخلايا المناعية وأنواعها ووظائفها والتفرعات التي قد تنتج منها. فسبحان الله الذي أتقن خلق الإنسان.