في اليوم العالمي للسعادة نحتفل بأنفسنا لتسعد حياتنا
الكاتب: د. الجوهرة بنت إبراهيم آل صقيه
أستاذ علم النفس المشارك
يحتفل المجتمع الدولي 20 مارس من كل عام باليوم العالمي للسعادة، بعد اعتماده من قِبل منظمة الأمم المتحدة في الدورة 66؛ اعترافًا بأهمية السعي إلى تحقيق السعادة، والوصول إلى أهداف التنمية المستدامة، وتوفير الرفاهية والعافية.
وتظل السعادة الحقيقية والعافية المستدامة محل اهتمام الأفراد في حياتهم الاجتماعية والأسرية وداخل بيئات العمل، فالبيئة الإيجابية والسعيدة تحظى بكثير من المزايا التي تفتقر إليها بيئات العمل التقليدية، كما أنّ التركيز على تعزيز السعادة والإيجابية والامتنان وجودة الحياة يسهم في رفع الحالة المعنوية داخل أماكن العمل، ويرفع مستوى الثقة والولاء والانتماء. فعندما يشعر الأفراد بالدعم في بيئة العمل فإنهم يقابلون هذا الدعم والاهتمام بإخلاص وعطاء حقيقي.
إنّ الموظفين السعداء الممتنين يجذبون الأخرين نحوهم ويصبحون مصدرًا للتحفيز والتفاؤل والسلوك الإيجابي ونموذجاً يحتذى به، مما ينعكس إيجابًا على سعادة المتعاملين.
وهنا يبرز هذا السؤال: ماهي السعادة الحقيقية؟
على مدى العقدين الماضيين، ساهمت حركة علم النفس الإيجابي في تحقيق السعادة والإمكانات البشرية والازدهار بواسطة البروفسور مارتن سليجمان Martin Seligman الأب المؤسس لعلم النفس الإيجابي، والذي وصف السعادة بأنها ممارسة المشاعر الإيجابية المتكررة، مثل الفرح والتفاؤل والحماس والطمأنينة، كما أنّ السعادة ليست سمة ثابتة ولكنها مرنة ويمكننا العمل عليها والسعي في النهاية نحو تحقيقها، ونقصد بها السعادة الحقيقية والعافية المستدامة التي نستطيع الوصول إليها مهما واجهتنا المصاعب والتحديات.
قدم "سليجمان" السعادة من منظور يقترح فيه وجود خمسة عناصر أساسية تتلخص في نموذج « PERMA » ، وهو نموذج يساعد الأفراد على تحقيق الشعور بالسعادة، وذلك لتقديمه إطارًا يمكن استخدامه لتطوير الموظفين، وضمان سعادتهم وفعاليتهم في المؤسسات.
وتتشكل العناصر الخمسة من حروف نموذج (PERMA) التي تُعد اختصاراً للمفاهيم التالية:
المشاعر الإيجابية (P) Positive Emotion: الطريق إلى الرفاه من خلال زيادة المشاعر الإيجابية.
الاندماج (E) Engagement: إن الاندماج الكامل فيما نقوم بفعله لا يقتصر تأثيره على زيادة السعادة التي نشعر بها فحسب، ولكنه عامل أساسي في مساعدتنا على التطور والتعلّم.
العلاقات (R) Relations: التواصل مع الآخرين من الصفات البشرية الأساسية في الحياة، ومما لا شك فيه أنّ وجود العلاقات الداعمة الجيدة تساعد الموظفين عند مواجهة التغيرات والصعوبات.
المعنى (M) Meaning: إنّ وجود هدف ومعنى لما يقوم به الموظف هو عامل رئيس في إنجاز العمل وزيادة الإنتاجية وبناءً عليه يزداد مستوى السعادة.
الإنجازات (A) Accomplishments: إنّ تحقيق الأهداف هو السبيل للشعور بالإنجاز، وبالنسبة لمعظمنا لا تتعلّق تلك الأهداف بالحصول على المال والأمور المادية؛ بل تتمحور بشكل كبير حول القيام بفعل الأشياء الجديرة باهتمامنا، والتي تجعلنا نشعر بالفخر وتكسبنا الاحترام.
وختامًا فإنني وبكل سعادة على يقين أنّ سعادتنا تنبثق من ذواتنا، وأنّ السعادة الحقيقة تكمن فيما نقدمه للآخرين بكل حب، فالسعادة في العطاء ربما تفوق السعادة فيما يعطيه لنا الآخرون .