في السادس عشر من شهر نوفمبر من كل عام، يحتفي العالم باليوم العالمي (للتسامح).
ونحتفي نحن كتربويين وأكاديميين بتبني وتمثل رؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حين رسم صورة ذهنية تأصيلية مشرقة عن المملكة، نابعة عن إيمانه بأن "التسامح" مكون أصيل من مكونات الإرث الثقافي للملكة العربية السعودية؛ فضلاً عن كونه مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، وفضيلة من فضائل الخلق الإسلامي القويم.
هذه الصورة الذهنية النيَرة رسمت نهجاً راسخاً لمنهج التعايش السلمي، ومكافحة أساليب ومسببات التمييز والعنصرية والعنف والكراهية.
وبهذا رسخت المملكة العربية السعودية ثقافة التسامح وعززت قيمه، إيماناً بأن التسامح والاعتدال منهج حياة لبناء الحضارات وتطويرها ونهضتها.
ولو تأملنا عمق وغزارة معاني التسامح والسلام وغيرها من القيم النبيلة والسامية التي جاء بها الكتاب والسنة النبوية المطهرة، لوجدنا ما يؤكد ويبرهن ويؤيد أهمية غرس هذه القيم وتبني تلك الشيم.
فيقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ سورة الأنفال: 61. وقال سبحانه ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ التغابن: 14. ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ سورة الشورى:40.
كثيرة هي الآيات القرآنية من كتاب الله عز وجل والتي تحمل هذه المعاني التربوية، وتلك الغايات الإصلاحية في مدلولات السلم والعفو والصفح، هذه المدلولات التي أكدت عليها التوجهات التربوية التي ظهرت على الساحة المعاصرة في مفهوم التربية على التسامح، والمواطنة العالمية، والتعايش، وغيرها من المصطلحات التي توجه سلوك المتعلمين نحو قيم السلام والعفو والتعايش الآمن المطمئن في تعاملاتهم واتصالهم مع المجتمع المحلي والدولي.
فهذه المفاهيم السامية، هي الركيزة والعماد الذي يتيح لأفراد المجتمع العيش تحت مظلة الكرامة والسلام والطمأنينة بعيداً عن الخوف من التمييز أو الاضطهاد أو التنمر بسبب اختلاف عرق أو دين أو ثقافة أو مرجعية عنصرية.
إن هذا النسيج الاجتماعي الثقافي الذي يتقبل أفراده بعضهم بعضا، وتتعايش عناصره بتبني ثقافة الاحترام والمساواة والعدل والتسامح؛ لا شك أنه مدعاة للاستقرار الاجتماعي والأمان المعيشي وجودة الحياة.
فالإنسان بفطرته البيولوجية ينزع للأمن وينعم بالاستقرار والأمان والطمأنينة، بل أن أهم الحاجات الإنسانية في هرم ما وسلو Maslow's hierarchy of needs هو الحاجة للأمان والاستقرار.
وفي هذا السياق نسلط الضوء على أهمية إسهام المعلمين والأكاديميين في تعزيز قيم التسامح من خلال:
-التوعية حيال قضايا المرأة الأمنية وحقوقها المجتمعية والشرعية، وذلك لإبراز الدور الحضاري للمرأة السعودية تحقيقاً لهدف ريادة المرأة في مسيرة التنمية الوطنية.
-تنوير المجتمع حيال خطر الإرهاب الفكري والعنف ضد المرأة.
-تنمية رأس مال بشري مستدام لديه فكر معتدل متوازن يتقبل الآخر، ويقدر قيم التسامح، وينبذ التطرف والتعصب وذلك بما يتواءم مع برامج الرؤية الوطنية 2030 لتعزيز الأمن الفكري.
-عقد المحاضرات والندوات وورش العمل التطبيقية حول أهمية مفاهيم التسامح والسلام والتعايش مع الآخرين، وبمشاركة مؤسسات المجتمع ذات العلاقة.
-تنفيذ وإعداد البرامج التدريبية والإرشادية؛ لتعزيز قيمة التسامح بين الطلبة والطالبات في المدارس والجامعات.
-ترسيخ ثقافة وقيم التسامح والتعايش مع الآخر، والتأكيد على مخرجات خطط وبرامج المواطنة العالمية كأحد أهداف التنمية المستدامة.
-إرساء جذور قيم التسامح وتقبل الآخر من خلال تأسيس بيئات إبداعية عصرية داعمة لبرامج وأنشطة السلام والأمن والوسطية.
-دعم الأبحاث التطبيقية الرائدة في مجال دراسات أمن المرأة.
-تعزيز ثقافة الأمن الفكري وقيم التسامح والاعتدال من خلال القنوات الإعلامية المختلفة. |
-تأسيس قواعد بحثية متينة لقيم الوسطية والاعتدال والوعي الفكري لدى منسوبي ومنسوبات الجامعات.