جامعة الأميرة نورة تقيم ندوة علمية لتسليط الضوء على واقع البحث العلمي في مجال التربية
أقامت جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن ممثلة بكلية التربية قسم التربية الخاصة، مؤخرًا ندوة علمية بعنوان (واقع البحث العلمي في مجال التربية الخاصة)، حضرها ما يقارب 130 من رؤساء أقسام التربية الخاصة في كافة أنحاء المملكة، أعضاء هيئة التدريس والباحثين، طلبة الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه). هادفة إلى تسليط الضوء على الواقع الحالي للبحث العلمي في مجال التربية الخاصة، واستعراض منهجيات البحث المستخدمة في أدبيات التربية الخاصة في المملكة العربية السعودية، ومدى فائدتها في توجيه جهود التربويين والباحثين والتي من شأنها أن تجود الممارسات التربوية المستخدمة مع الطلبة من ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى مناقشة التحديات التي قد تعيق جهود الباحثين من أعضاء هيئة التدريس وسبل التصدي لها.
افتتحت رئيسة قسم التربية الخاصة الدكتورة ريم بنت عبد الوهاب العبد الوهاب الندوة بكلمة قالت فيها: بأن البحث العلمي يعتبر ركيزة المجتمعات والنواة التي ترتكز عليها الدول في جهودها التطويرية، والأساس الذي يُقاس عليه مدى تقدم المجتمع وتطويره، ومن هذا المنطلق ولاستشعار قسم التربية الخاصة في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بمسؤوليته تجاه إثراء ميدان التربية الخاصة بأبحاث نوعية من شأنها توجيه ممارسات التربويين في الميدان، ومساندة أصحاب القرار في اتخاذ قرارات سليمة مستندة في ذلك على أبحاث علمية رصينة، نبعت فكرة إقامة هذه الندوة والتي لاقت إقبالًا في ميدان التربية الخاصة لرسم توجهاته البحثية المستقبلية.
وقد عُرض في الندوة خمس أوراق عمل، أولها: "واقع البحث العلمي في التربية الخاصة" للدكتورة ريم عبدالوهاب العبدالوهاب، استعرضت خلالها أهمية البحث العلمي في المجال التربوي بشكل عام، وفي مجال التربية الخاصة على وجه الخصوص، و العوامل التي من شأنها أن تؤثر على جهود الباحثين واتجاهاتهم البحثية من حيث العينة المستهدفة، والمنهجية المتبعة وأثرها على نوعية الدراسات التي يتم نشرها، كما قدمت الباحثة في ورقتها الإحصائيات الخاصة بالمنهجيات المستخدمة في أبحاث التربية الخاصة دولياً التجريبية منها وغير التجريبية، وحللت الورقة نتائج الإحصائية الدولية ومقارنتها بأنواع الدراسات المتوفرة محلياً، وفي الختام ناقشت الباحثة مجموع التحديات التي تواجه الباحثين في التربية الخاصة على المستوى المحلي وسبل التصدي لها.
أما الورقة الثانية فقدمها الأستاذ الدكتور بندر بن ناصر العتيبي، بعنوان: "الأولويات البحثية في مجال التربية الخاصة"، وتهدف إلى الحديث عن الأولويات البحثية في مجال البحث العلمي في التربية الخاصة، وذلك من خلال استعراض أنواع البحث العلمي وواقع تطبيقه في مجال التربية الخاصة، كما تقدم الورقة معلومات إحصائية عن الأساليب البحثية التي تم استخدامها على المستوى المحلي والعربي، وتخلص إلى افتقار المجال البحثي في التربية الخاصة إلى البحوث التجريبية، وبأن الأولويات البحثية المستقبلية يجب أن تكون على الدراسات التجريبية وشبه التجريبية في مجال التربية الخاصة.
وتناولت الدكتورة عبير بنت عبدالله الحربي، في الورقة الثالثة موضوع "البحث الإجرائي وتطبيقاته في التربية الخاصة"، حيث تندر الأبحاث التي تركز على تمكين الممارسين من البحث، ولكن في الأربعينات من القرن العشرين لفتKurt Lewin الأنظار إلى البحث الإجرائيAction Research الذي اقترن بالعدالة الاجتماعية social justice والديمقراطية (Jacobs, 2016; Vaughan, Boerum, & Whiethead, 2019) كونه يمكن الممارسين/المعلمين من القيام بنشاط بحثي تطبيقي مستمر مع أصحاب العلاقة ليس عليهم, لحل مشكلة ذات أهمية ودلالة أو تلبية احتياج للتطوير أو التغيير في سياق الفصل أو المدرسة (Bradbury, Lewis, & Embury, 2019)، وفي هذه الندوة تم تسليط الضوء على هذا المنهج البحثي, أنواعه, والمسلمات التي يقوم عليها ومميزاته وخطواته وإجراءات التحقق من صدقه والتحديات التي تواجه تطبيقه.
ومن جانبه تناول الدكتور غالب بن حمد النهدي، في الورقة الرابعة موضوع "دور البحث العلمي في رسم سياسات/ممارسات أقسام التربية الخاصة: استقطاب أعضاء هيئة التدريس نموذجا"، واستعرض فيها دور الممارسات المحلية في الاستقطاب في تقليص قدرة أقسام التربية الخاصة على إنتاج أبحاث ذات جودة عالية، وذلك لافتقاد هذه الأقسام للتنوع المعرفي والتركيز فقط على المعارف التخصصية البحتة خلال عمليات الاستقطاب، و أوصى فيها بضرورة تفعيل دور البحث العلمي في تقويم الممارسات الأكاديمية، وأهمية الانفتاح على التخصصات الأخرى، وضرورة وجود قنوات لعمل مشترك بين متخصصي التربية الخاصة والمتخصصين في المجالات الأخرى لإنتاج أبحاث نوعية من شأنها تطوير مجال التربية الخاصة في المملكة.
في حين تطرق الدكتور إبراهيم بن سعد أبو نيان، في الورقة الخامسة والأخيرة إلى موضوع "مقترحات حول البحث العلمي في التربية الخاصة"، حيث جاءت الورقة بمقترحات ثلاثة، وهي: مقترح ضرورة إيجاد مشاريع بحثية مشتركة بين التربية الخاصة والتخصصات المختلفة المهتمة بمجال الإعاقة، كالهندسة والطب وعلم النفس والخدمة الاجتماعية وغيرها. مبررًا بأن ذلك يحقق النظرة الشمولية التكاملية لخدمة من لديهم إعاقات، والمقترح الثاني أن يتجه الباحثون من طلاب الدراسات العليا وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات إلى ما يعرف بالمسارات البحثية (Research lines)، معللا بأن هذه البحوث هي التي تجعل من الباحث مرجعية علمية في مجال معين، ونحن في المملكة بحاجة إلى خبراء محليين. أما المقترح الثالث فيرى استبدال رسائل الماجستير والدكتوراه التقليدية بعمل سلسلة من البحوث المنشورة في مجلات متخصصة وفق ضوابط تضعها الجامعات وهيئات الاعتماد. فهذا يحقق تطوير العلم في مجال التخصص، ويمكن الطالب الباحث من البحث باستقلالية وبتفكير ناقد، ويكسبه القدرة على عمل البحوث باستقلالية، ويدربه على العمل الجماعي في إعداد ونشر البحوث المشتركة.
وقد اختتمت الندوة بعدة توصيات، منها: التنوع بالمنهجيات البحثية في دراسة الظواهر المتعلقة بالتخصص وعدم حصرها على الأبحاث الوصفية، والتركيز على المنهج التجريبي وشبه التجريبي في إجراء بحوث التربية الخاصة لتحديد الممارسات المبنية على الأدلة والتي تلبي احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة في المملكة العربية السعودية، و ضرورة إعادة النظر في ضوابط النشر العلمي المعمول بها في الجامعات السعودية حيث تؤثر بعض ضوابط النشر الحالية على رصانة وجودة الأبحاث ونوعيتها، و إعادة النظر في الدعم المالي المحدود والمقدم لدعم أبحاث التربية الخاصة في نوعية الأبحاث التي ينتهجها الباحثون.